بقلم د .اسماء محمد سعد
استشاري اول صحة نفسية وتربية.
المشاعر جزء أساسي من تجربة الإنسان اليومية فهي تؤثر على طريقة تفكيرنا وتصرفاتنا واتخاذ قراراتنا قد تبدو المشاعر شيئًا غير ملموس لكنها تمتلك قوة هائلة في تشكيل حياتنا سواء بشكل إيجابي أو سلبي عندما نفهم تأثير مشاعرنا ونتعلم كيفية التحكم بها نصبح قادرين على تحسين جودة حياتنا وزيادة إنتاجيتنا والشعور براحة نفسية أكبر
المشاعر ليست مجرد استجابات عابرة بل هي مؤشرات لحالتنا النفسية والعقلية عندما نشعر بالفرح أو الحماس يكون عقلنا أكثر انفتاحًا على التعلم والتجربة وعندما نشعر بالخوف أو القلق فإننا نميل إلى الانغلاق والتردد وهذا التأثير يمتد إلى أدق تفاصيل حياتنا من طريقة تعاملنا مع الآخرين إلى مدى تحقيقنا لأهدافنا الشخصية والمهنية
التفكير الإيجابي له تأثير قوي على مشاعرنا فعندما نتبنى نظرة متفائلة للحياة ونحاول رؤية الجانب المشرق في المواقف المختلفة فإننا نحفز عقولنا على البحث عن الحلول بدلاً من التركيز على المشكلات التفكير الإيجابي لا يعني إنكار الواقع أو تجاهل التحديات بل هو أسلوب يساعدنا على التعامل مع الظروف الصعبة بطريقة أكثر هدوءًا واتزانًا
في المقابل التفكير السلبي يستهلك طاقتنا العاطفية والعقلية ويجعلنا نشعر بالإحباط واليأس الأفكار السلبية المتكررة تخلق دائرة مغلقة من التوتر والضغط النفسي مما يؤثر على صحتنا الجسدية أيضًا فقد أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من القلق المستمر يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والضغط واضطرابات النوم
المشاعر القوية مثل الغضب والحزن تحتاج إلى التعامل معها بحكمة إن كبت المشاعر يؤدي إلى تراكمها داخلنا مما يسبب مشكلات نفسية معقدة مثل القلق والاكتئاب من المهم أن نعبر عن مشاعرنا بطريقة صحية سواء من خلال الحديث مع شخص موثوق به أو ممارسة أنشطة تساعد على تفريغ الطاقة السلبية مثل الرياضة أو الكتابة
الوعي العاطفي من أهم المهارات التي تساعدنا على التحكم بمشاعرنا عندما نكون مدركين لمشاعرنا وأسبابها نستطيع التعامل معها بطريقة أفضل بدلاً من الانجراف وراء ردود أفعال سريعة قد نندم عليها لاحقًا الوعي العاطفي يساعدنا أيضًا على فهم مشاعر الآخرين والتفاعل معهم بطريقة أكثر تعاطفًا واحترامًا
تأثير المشاعر يمتد أيضًا إلى علاقاتنا الاجتماعية عندما نشعر بالإيجابية والثقة بالنفس فإننا نجذب أشخاصًا يشبهوننا في التفكير والعاطفة أما عندما نكون في حالة من التشاؤم والسلبية فإننا قد ندفع الآخرين بعيدًا عنا ولهذا فإن تحسين مشاعرنا الداخلية ينعكس بشكل مباشر على نوعية العلاقات التي نبنيها في حياتنا
التوازن العاطفي هو المفتاح للحفاظ على صحة نفسية مستقرة لا يمكننا أن نكون سعداء طوال الوقت ولكن يمكننا أن نتعلم كيف نتعامل مع المشاعر السلبية دون أن نسمح لها بالسيطرة علينا من خلال ممارسة التأمل واليقظة الذهنية يمكننا تهدئة عقولنا والتقليل من تأثير المشاعر السلبية على قراراتنا وسلوكياتنا
من العادات المفيدة التي تساعد في تحسين مشاعرنا اليومية هو الامتنان عندما نتعود على التركيز على الأشياء الجيدة في حياتنا ونشعر بالامتنان لما لدينا فإننا نوجه عقولنا إلى التفكير الإيجابي بدلاً من الشعور بالنقص أو التذمر يمكن لممارسة الامتنان يوميًا أن تجعلنا أكثر سعادة ورضا عن حياتنا
فإذن نجد أن مشاعرنا ليست مجرد ردود فعل عشوائية بل هي قوة حقيقية يمكن أن توجه حياتنا في الاتجاه الذي نريده عندما نفهم كيف تؤثر مشاعرنا على أفكارنا وسلوكنا يمكننا استخدامها كأداة لتحقيق النجاح والسعادة والاستقرار النفسي المفتاح هو الوعي والقدرة على التحكم بها بدلاً من أن نسمح لها بالتحكم بنا
إرسال تعليق