✍ بقلم المحررة القانونية/ سما أيمن
في البداية:
تختلف جريمة الاختلاس عن الجرائم الأخرى من حيث ثقافة مرتكبها، كما أنها تشكل خطورة كبيرة على المجتمع. ومن هنا سيتم إيضاح مفهوم جريمة الاختلاس، وما هي أركانها، وهل هناك عقوبة محددة لهذه الجريمة أم لا؟
مفهوم جريمة الاختلاس
الاختلاس هو الاستيلاء على المال العام من قبل موظف يضع يده عليه بحكم وظيفته أو يتولى أمر إدارته أو صيانته. وقد أشار القانون إلى أنه يجب استيفاء أركان جريمة الاختلاس حتى تتم إدانة الشخص. من هنا سوف ينقلنا إلي اركان جريمه الاختلاس
أركان جريمة الاختلاس
أولًا: الركن المفترض (صفة الموظف العام)
لا تقوم جريمة الاختلاس إلا إذا كان الجاني موظفًا عامًا، فإذا لم تتوافر هذه الصفة في الجاني وقت ارتكاب الجريمة، فلا تقوم الجريمة. وهنا ننتقل إلى أن هناك بعض الفئات التي تدخل ضمن مدلول الموظف العام، وذلك وفقًا لنص المادة 119 مكررًا من قانون العقوبات، والتي تنص على أنه يُقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب:
1. القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
2. رؤساء وأعضاء المجالس والوحدات والتنظيمات الشعبية، وغيرهم ممن لهم صفة نيابية عامة، سواء كانوا منتخبين أو معينين.
3. كل من فوضته إحدى السلطات العامة في القيام بعمل معين، وذلك في حدود العمل المفوض فيه.
4. رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة، والمديرون، وسائر العاملين في الجهات التي اعتُبرت أموالها أموالًا عامة طبقًا للمادة السابقة.
5. كل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناءً على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو من موظف عام وفقًا للفقرة السابقة، متى كان يملك هذا التكليف بموجب القوانين أو النظم المقررة، وذلك بالنسبة للعمل الذي يتم التكليف به.
معلومة هامة:
يُستوي أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة، وبالتالي لا أهمية للدرجة الوظيفية في تحديد المسؤولية الجنائية.
ثانيًا: الركن المادي لجريمة الاختلاس
يتكون الركن المادي لجريمة الاختلاس من:
1. فعل الاختلاس: وهو قيام الموظف أو من في حكمه بإضافة المال إلى ملكه والتصرف فيه تصرف المالك.
2. محل الاختلاس: وهو كل منقول ذي قيمة يوجد في حيازة الموظف بسبب وظيفته. وقد يكون للمال المختلس قيمة معنوية أو أدبية أيضًا.
معلومة هامة:
في بعض الأحيان، لا يشترط أن يكون المال المختلس مملوكًا للدولة، بل يمكن أن يكون مملوكًا لأشخاص آخرين، ومع ذلك تقع جريمة الاختلاس.
تطبيق على ذلك: الخطابات التي يُسلّمها الشخص لساعي البريد تعد مالًا مختلسًا إذا استولى عليها الموظف.
ثالثًا: الركن المعنوي
تُعد جريمة الاختلاس من الجرائم العمدية، حيث يلزم لقيامها وجود القصد الجنائي بتوافر عنصريه:
العلم: يجب أن يكون الجاني عالمًا بأن المال مملوك للدولة أو لأحد الأفراد، وليس ملكه، وعالمًا أيضًا بأن المال قد سُلِّم إليه بسبب وظيفته.
الإرادة: يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى فعل الاختلاس عمدًا، أي أن يكون لديه نية التملك غير المشروع للمال.
هل هناك عقوبة محددة لجريمة اختلاس المال العام؟
للإجابة على هذا التساؤل، نجد أنه وفقًا لنص المادة (112) من قانون العقوبات:
"كل موظف عام اختلس أموالًا أو أوراقًا أو غيرها وجدت في حيازته بسبب وظيفته يُعاقب بالسجن المشدد."
وتكون العقوبة السجن المؤبد في الأحوال الآتية:
1. إذا كان الجاني من مأموري التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع ، وسُلِّم إليه المال بهذه الصفة.
2. إذا ارتبطت جريمة اختلاس المال العام بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطًا لا يقبل التجزئة.
3. إذا ارتُكبت جريمة اختلاس المال العام في زمن حرب، وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها.
الفرق بين جريمة الاختلاس وجريمة السرقة
رغم أن جريمتي الاختلاس والسرقة تتعلقان بالاستيلاء على المال، إلا أن هناك فرقًا جوهريًا بينهما:
في جريمة السرقة: يتم نزع المال باستخدام القوة أو الحيلة من مالكه الشرعي.
في جريمة الاختلاس: يكون المال في حيازة الجاني بصفة قانونية، ثم تنصرف نيته إلى التصرف فيه تصرف المالك له.
في جريمة الاختلاس: يشترط أن تصدر عن موظف عام، على عكس جريمة السرقة التي يمكن أن تصدر عن أي شخص.
ختامًا
في رأيي، تُعد جريمة اختلاس المال العام من الجرائم التي تمس النزاهة الوظيفية، وتؤثر بشكل مباشر على استقرار المؤسسات الحكومية وثقة المواطنين بها.
لذلك، يمكن الحد منها من خلال:
تعزيز الرقابة الداخلية لضبط أي تلاعب في المال العام.
نشر ثقافة النزاهة والأمانة في العمل، وتعزيز الوعي بمخاطر الفساد الإداري.
إرسال تعليق