بقلم / عبير خضر ✍️
لماذا ننتظر رمضان لنكون طيبين؟ مع كل اقتراب لهذا الشهر نشعر وكأن شيئًا سحريًا يحدث لنا، فجأة تزداد روح المحبة والتسامح بين الناس، نصبح أكثر صبرًا وهدوءًا، نحرص على الصدقات، ونحاول أن نكون أقرب إلى الله، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا نحتاج إلى رمضان لنكون هكذا؟ لماذا لا نحافظ على هذه الأخلاق طوال العام؟ رمضان يُشعرنا بأننا قادرون على أن نكون أفضل، والدليل أننا ننجح في ضبط أنفسنا، نتحكم في غضبنا، نكف عن الأذى، ونبادر بالخير، لكن بمجرد انتهائه يعود الكثيرون إلى عاداتهم القديمة كأن شيئًا لم يكن! لماذا يكون التحول مؤقتًا بينما هو في متناول أيدينا دائمًا؟ الصدق، الأمانة، الرحمة، العفو، وصلة الرحم ليست قيمًا رمضانية فقط، بل هي أساسيات يجب أن نعيش بها يوميًا، فالنبي ﷺ لم يكن طيبًا ومتسامحًا في رمضان فقط، بل كانت هذه أخلاقه الدائمة، فلماذا لا نقتدي به؟ في رمضان نحرص على الصلاة في وقتها، نقرأ القرآن، ونقيم الليل، ولكن هذه العبادات ليست حكرًا على شهر واحد فقط! علاقتنا بالله يجب أن تكون مستمرة، فلا نعبده في موسم ونهجره بقية العام. إذا كنا نستطيع أن نكون أطيب وأهدأ في رمضان، فهذا يعني أننا قادرون على ذلك دائمًا، فالسر ليس في الشهر نفسه بل في الإرادة التي نتحلى بها فيه، ولو استطعنا الحفاظ على هذه الروح طوال العام لكان مجتمعنا أفضل ولعشنا بسلام داخلي مستمر. يمكننا الاستمرار في العبادات حتى ولو بقدر بسيط، فالمداومة على الخير أهم من كثرته، كما أن تذكير أنفسنا بأن الله يرانا في كل وقت وليس في رمضان فقط يجعلنا أكثر وعيًا بأفعالنا، ويمكننا أن نحدد وردًا يوميًا من القرآن ولو صفحة واحدة، ونحرص على أن نكون متسامحين وعطوفين دون انتظار مناسبة، وبدلًا من أن نتغير بسبب الجو العام فقط، يجب أن نكون ثابتين على مبادئنا. رمضان فرصة رائعة لنعود إلى أنفسنا الحقيقية، لكنه لا يجب أن يكون مجرد محطة مؤقتة، بل نقطة انطلاق لحياة مليئة بالخير والحب والعبادة، فالعبرة ليست بمن يكون طيبًا في رمضان، بل بمن يحافظ على طيبته بعده!
إرسال تعليق