يجمع علماء الحضارة و الأجتماع و الأنثروبولوجى على ان الرقص كان من أقدم وسائل التعبير عن المشاعر الإنسانية لدى الإنسان البدائى و ان الرقص منذ بدايته كان مرتبطاً بما كانت تعتقده المجتمعات الإنسانية البدائية فى عالم السحر والمعتقدات الدينية . ليس هناك جدال ان مصر القديمة قد عرفت الرقص منذ عصور ما قبل التاريخ و قد تم العثور على العديد من الشواهد الآثرية التى تدل على ان الرقص فى تلك العصور كان مرتبطاً بالعقائد الدينية التى كانت سائدة فى تلك العصور و انه كان يؤدى لتحقيق أغراض سحريـة , و لكن بعد ان دخلت مصر القديمة عصورها التاريخية بدأت الحضارة المصرية ترتقى سلم التطور لتبلغ قمة ما وصلت إليه من رقى فى عصر الدولة الحديثة و على وجه الخصوص فى عصر الأسرات 18 و 19 , و كما وصلت الموسيقى المصرية القديمة إلى مستواها الرفيع فى ذلك العصر فقد كان من الطبيعى ان الرقص - و هو فن مرتبط بالموسيقى و الغناء – أن يرقى إلى ذلك المستوى و يصبح فناً عريقاً راسخاً ذا قواعد و مناهج تحكمه فى كافة أنواعه و أشكاله . وقد صورت الآثار المصرية سلسلة كاملة من الرقصات المختلفة فى أشكالها و فى أغراضها فهناك رقصات ذات إيقاعات معقدة مثل رقصات الحروب حيث يقوم الراقصون أو الراقصات بقفزات فى الهواء , كما ان الرقص كان جزءاً أساسياً من الطقوس الدينية قبل ان يصير تسلية دنيوية , فقد أقيمت حفلات الرقص المقدس فى كثير من المناسبات و الأعياد الدينية مثل العيد الثلاثينى و رقصة الـ muu , كما كان الرقص ايضاً ملازماً للأعمال الشاقة مثل الزراعة و صناعة النبيذ. ظهرت مناظر الرقص فى الفن المصرى القديم منذ أقدم العصور فى عصر ما قبل الأسرات فى كهف وادى الحمامات فى الصحراء الشرقية , اما اول ظهور للرقص على مقابر الأفراد فى الدولة القديمة كان فى مقبرة " دبحـن " فى الجيزة من الأسرة الرابعة و تميزت النساء اللاتى يرقصن فى مناظر الرقص المختلفة بقصر شعورهن فى معظم هذه المناظر حتى تبدين كالرجال لكن فى منظر الرقص الأكروباتى تتدلى ضفائرهن منتهية بكرة من الشعر إلا فى مقبرة " كاجمنى ".
بعض أنواع الرقص المصرى القديم :
1- الرقـص الأكروبـاتـى :-
وفيه تأتى الراقصات بأوضاع حركية صعبة حيث انها تقف على قدم واحدة و ترفع الأخرى لأعلى و تميل الجذع لأسفل إلى الخلف. و حملت منافسة و رغبة فى التفوق على الأخرين و قام بعض الراقصين على زيادة رشاقة الحركات و تهذيبها فى حين عمد البعض الأخر على اختيار حركات اكثر صعوبة و اكثر إجهادا لا يقدر كل فرد على ممارستها لأنها تتطلب مرونة جسمانية كبيرة و تحتاج إلى تدريب طويل شاق .
2- الرقـص الحركــى الخالــص:-
كان الرقص أصلا بمثابة تصريف سهل لطاقة زائدة تكمن فى شخص مستروح و لكنه غير معتاد على الخمول , و يحصل كل من الراقص و المتفرج على المسرة من تلك الحركات التى يساعد ضبط إيقاعها على توفير الطاقة و طرد التعب و إطالة إمكانية الحركة , و قد تحولت الحركات اللاشعورية و غير المنتظمة إلى حركات شعورية منظمة عندما ابتدأ النظارة فى الإهتمام بالرقص و مصاحبته بتصفيق الأيدى أو بصيحات تنظم الإيقاع , و من المؤكد كذلك ان محاولات التفوق على الراقصين و الراقصات الآخرين يرجع إليها فضل كبير فى تطوير الرقص الحركى الذى كانت تعوزه بعض العناصر الجوهرية .
3- الرقـص الهادئ:-
هذا النوع كبقية أنواع الرقص يتم على إيقاع المصفقات من النساء و تقوم بالرقص أيضاً سيدات و تكون فيه الحركة هادئة للغاية حيث ترفع الفتاة كلتا يديها لأعلى و ترفع إحدى يديها قليلاً لأعلى , و هذا النوع من الرقص هو الأكثر إنتشاراً حيث ان معظم مقابر الأسرة الخامسة التى ظهر بها منظر الرقص يكون هذا النوع هو الموجود بها كما هو الحال فى مقابـر [ نن خفتكـا - تـى - بتاح حتـب ] أما فى مقبرة رع شبسس فإن الراقصات ترفع يد واحدة فقط لأعلى و ظهر هذا النوع من الرقص فى عدد قليل جدا فى الأسرة السادسة حيث ظهر فى مقبرة مرى إف نب إف إلا ان الراقصات فى هذه المقبرة صورن و كأنهن يجرين.
4- الرقـص بالمرآة :-
تقوم بالرقص فى هذا النوع فتيات صغيرات و عرف ذلك من ضفيرتهن و و فيه تمسك كل فتاة مرآة بيد و باليد الأخرى يد مصفقة و تواجه كل فتاة قرينتها كما فى مقبرة مرى روكـا .
5- رقـص المحاكــاة:-
الذى يحاكى فيه الراقصون حركات الحيوانات او الظواهر الطبيعية و من خير أمثلة هذا النوع من الرقص ذلك يمثل على جدران إحدى مقابر بنى حسن حيث رمز فتاة واقفة باسطة ذراعيها إلى حركة الريح بينما ترمز الفتاتان الماثلتان امامها بإنثناءاتهما إلى النباتات المتمايلة بفعل الرياح .
إرسال تعليق