بقلم / محمد صالح البحر
قد يهبك الليل أرقا، أو أحلاما متخمة بالكوابيس، أو ليلة تتناقض تماما مع توقعاتك التي أردتها مبهجة، كل هذه الأشياء ستُثقل روحك في الصباح، لتجد نفسك عاجزا ومتجهما بلا سبب ظاهر ـ ربما عن بعض الأشياء، وربما عن كل شيء حتى الكلام ـ ومؤهلا للوقوع بمنتهى البساطة في خطيئة الصباح، ساعتها لا شيء في هذا الوجود الواسع، الممتد، سيقدر على مد يد العون نحوك، أو إخراجك من بحور العبوس والاكتئاب والصمت المطبق والنظرة البلهاء، واللا مبالاة لكل الأشياء التي ستظل تسير إلى جوارك بعفويتها المعهودة، كأن الليل السابق لم يمر عليها، أو لعله ـ إمعانا في التشاؤم ـ مر عليها متصالحا دونك أنت، ليتركك وحدك نهبا للخطيئة التي سيلومك كثير من الناس على الوقوع فيها، ولن يصدقوا أبدا أن الليل قد اصطفاك وحيدا، لتصير نبيا للحزن من دونهم.
خطيئة الصباح هي اصطفاء الليل لنا بالحزن، لكنه حزن خاص، لا يشبه الهم، ولا يأتي بمصائب الدنيا فوق رأسك، حزن خاص يهتم بتأنيب ضميرك لك، لأنك لم تصبح إلى الآن كما كنت تريد، وأنك لا تزال تفعل الكثير من الأشياء التي يرضى عنها الناس، ولا ترضي روحك، أما إذا لم يختارك الليل، وصرتَ واحدا من العوام العفويين الذين يملؤون الدنيا بابتسامتهم الصباحية، متجاوزين وحل الخطيئة غير المفهوم، فسيكون لزاما عليك أن تملأ أُذن كل منْ تقابله منهم بجملة "صباح الخير"، وأنا لا أستطيع أن أنصحك بشيء هنا إلا أن تتجاوز عدم قدرتهم على الفهم، لتقولها بإحساس روحك أنت، فأنت أدرى الناس بأنك "أهل للخطيئة"، حتى إذا تجاوزتك ذات صباح بشكل عفوي، غير مقصود، ساعتها فقط البسمة والجملة ستملآن روحك بفرح حقيقي، وستكون مؤهلا تماما لتتجاوز استغرابهم وعدم قدرتهم على التصديق، ومؤهلا أكثر للتسامح، حتى مع عبوس الذي سيطالبك باستبدال الجملة لتصير "السلام عليكم" بدلا من "صباح الخير"، ستجد يدك تربِّتُ على كتفه بحنو بالغ، كأن بسمتك الصامتة كفيلة أن تُخبره بكل الأشياء، كأنها وحدها تكفي وأنت تسير وحدك في الطريق إلى غايتك، مؤملا نفسك أن يفهم، ألا تتساقط لعنات تمتماته لتجري من خلفك، كي لا يُصيبك نصل الندم بطعناته اللاذعة، فتتأكد ـ بعد فوات الأوان ـ أن الخطيئة التي لا تُصيبك، يجب عليك أن تُصيبها.
إرسال تعليق