بقلم / علياء عادل
تعد حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، حيث مر 52 عامًا على حرب عظيمة شارك فيها أبناء الوطن ضد الصهاينة ليسطروا أسمائهم بحروف من ذهب، نقطة تحول فارقة في تاريخ مصر والأمة العربية بأسرها. لم تكن مجرد معركة عسكرية، بل كانت ملحمة وطنية أعادت الثقة والكرامة بعد هزيمة 1967، وحطمت أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر" الإسرائيلي.
تمثلت عظمة هذه الحرب في التخطيط الدقيق والخداع الاستراتيجي الذي قاده الرئيس الراحل محمد أنور السادات (ابن المنوفية)، وتنفيذ القوات المسلحة المصرية لعملية عسكرية غير مسبوقة، بدأت بالعبور المذهل لقناة السويس واقتحام خط بارليف المنيع، واستعادة جزء عزيز من أرض سيناء.
تتميز محافظة المنوفية بكونها منبعًا للعديد من القادة والأبطال الذين قادوا الصفوف الأولى وكان لهم دور محوري في حرب أكتوبر، لم يكن دور محافظة المنوفية مجرد المشاركة في الحرب، بل كانت خزانًا للأبطال الذين حاربوا وصاغوا النصر بدمائهم، قدمت أول شهيد والعديد من التضحيات حيث شارك آلاف الأبطال من أسود أكتوبر، وكان معظم قيادات وأبناء الجيش المصرى من محافظة المنوفية.
بعض تضحيات المنوفية وبطولات أبنائها البواسل:
• الرئيس الراحل محمد أنور السادات (ابن قرية ميت أبو الكوم بمركز تلا بمحافظة المنوفية) بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، اتخذ القرار التاريخي للحرب، وقاد مراحلها بعبقرية سياسية وعسكرية، ليُعرف ب "بطل الحرب والسلام".
• المشير محمد عبد الغني الجمسي (ابن قرية البتانون بمحافظة المنوفية) الذي كان رئيسًا لهيئة عمليات القوات المسلحة، ولعب دورًا محوريًا في وضع خطة العبور والتنفيذ الدقيق، ولقبته جولدا مائير ب "الجنرال النحيف المخيف" واعتبره البعض "مهندس حرب أكتوبر".
• الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك (ابن قرية كفر مصيلحة بمركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية) كان أحد أهم القادة بحرب أكتوبر، حيث يعد صاحب الضربة الجوية الأولى بحرب أكتوبر، ترقى في المناصب العسكرية حتى وصل إلى منصب رئيس أركان حرب القوات الجوية، ثم قائدًا للقوات الجوية في أبريل 1972، وقاد القوات الجوية المصرية أثناء حرب أكتوبر.
• العميد يسري عمارة (ابن مركز تلا بمحافظة المنوفية) بطل واقعة أسر عساف ياجوري، قائد اللواء 190 مدرع الإسرائيلي، وهي من أشهر بطولات الحرب التي حطمت معنويات العدو.
• الشهيد محمد عاطف السادات (شقيق الرئيس السادات) أول شهيد في حرب أكتوبر، نقيب طيار حربي قام بتحطيم موقع صواريخ الهوك الإسرائيلي للدفاع الجوي ومطار المليز.
آلاف الأبطال والشهداء الأبرار من محافظة المنوفية وجميع محافظات مصر، الذين شاركوا في مختلف أسلحة وتشكيلات الجيش ببطولاتهم في إحدى أعظم الملاحم الوطنية في العصر الحديث، وساهمت تضحياتهم بدور لا ينسى في استعادة الكرامة وتحقيق النصر على إسرائيل.
لم يكتفي الأمر على البطولات التي قادت الحرب إلى النصر العظيم، بل تعد محافظة المنوفية نموذجًا للتفوق والريادة في عدة مجالات حيوية، وركيزة أساسية في الاقتصاد المصري، حيث تتنوع أنشطتها الاقتصادية بين الزراعة والصناعات التحويلية. كما تتميز بتاريخ عريق وثروة بشرية وعلمية أسهمت في وضعها في مصاف المحافظات الرائدة، متجاوزة حدود التميز الزراعي لتشمل العلوم والفنون والصناعة. تعرف بأنها "بلد الرؤساء" لما أنجبت من قادة وزعماء، بالإضافة إلى ثرائها بالعلماء والأدباء. ومن بين الشخصيات البارزة من أبنائها، الدكتور مصطفى محمود والدكتور كمال الجنزوري والدكتور عصام شرف، والشاعر عبد الرحمن الشرقاوي والأديب إبراهيم عبد القادر المازني، ومن مشاهير قراء القرآن الكريم الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي ومحمود علي البنا ومحمد محمود الطبلاوي.
لقد كانت المنوفية بحق قلب القيادة ومدرسة للأبطال، وذلك بداية من الرئيس محمد أنور السادات وصولاً للرئيس عبد الفتاح السيسي (ابن محافظة المنوفية) القائد الذي قاد البلاد في مرحلة دقيقة وفارقة من تاريخها ليمثل أهم إنجاز هو استعادة الدولة المصرية لمؤسساتها وبناء جدار قوي للأمن والاستقرار في فترة شهدت فيها البلاد اضطرابات واسعة، وأطلق قاطرة البناء والتنمية واستعاد الدور الإقليمي والدولي للدولة المصرية.


إرسال تعليق