بقلم: مصطفى محمود الشاعر
استيقظ من نومه بعد منتصف الليل بساعتين، وكان يشعر كأن صخرة ثقيلة موضوعة على صدره. قفز من سريره، ووضع قدمه اليمنى في نعل، واليسرى في نعل آخر غير مطابق للنعل الأول، ونزل إلى الشارع بملابسه البيتيّة الهزليّة التي بها عدد محترم من القُطوع. لم يكن يهتم بما يرتديه في البيت، فهو يعيش بمفرده في شقّته المُستَأجرَة، ولا أحد يزوره فيها منذ زمن طويل. كانت الشوارع خالية تماماً من الناس، والجو هادئ جداً، وهذا جعله يشعر برغبة في التحدث مع نفسه بصوت عالٍ بينما يسير: "كيف لخطأٍ صغير ارتكبته أن يدمّر حياتي هكذا؟! بالتأكيد هذه مزحة. إنه مجرد خطأ صغير. حياتي الكبيرة جداً جداً كالجبل، يهدمها خطأ صغير كالنملة! يا لها من سخافة. إنه مجرد خطأ صغير. هل يمكنني أن أعود بالزمن؟ إنه مجرد خطأ صغير. أريد محاولة أخرى. إنه مجرد خطأ صغير. لقد ظننت أن حياة الإنسان أعظم بكثير من أن تُدَمّر بواسطة خطأ صغير. إنه مجرد خطأ صغير!"
ظل يسير في الشارع، متحدّثاً مع نفسه، إلى أن شعر ببعض الراحة والهدوء النفسي، وأراد العودة للبيت. رفع نظره قليلاً للأعلى، فوجد أن الشمس ساطعة. أدار رأسه جهة اليمين، ثم اليسار، ثم استدار بجسمه كله دورة كاملة في مكانه، وكان الشارع مُكتظّاً بالناس والسيارات.
إرسال تعليق