U3F1ZWV6ZTI4MzIwMDE5NjkzNTY5X0ZyZWUxNzg2NjcxNzI3OTEzMA==

الضفدع - جريدة الهرم المصرى نيوز

الضفدع

 


- بقلم د. محمد الكومى 


كانت قرية آمنة مطمئنة، يعيش أهلها فى سلام، وكان هناك مستنقع فى أطراف القرية يعيش فيه ٦ ضفادع يسببون الازعاج أحيانا من نقيقهم وقد قرر بعض أهل القرية التخلص منهم وذهبوا لطردهم خارج القرية، ولكن لحقهم بعض الأهالي وقالوا لهم إنهم من خلق الله والله يرزقهم. فراجعوا بعضهم البعض، ولكن كان بعض الاهالى ينبههم أن الضفادع إذا كثرت واستفحل أمرها فإنهم سيقضون على طعام أهل القرية، لكنهم تغاضوا عن هذا التحذير. 


وكان بين الضفادع الستة أحدهم دائما لا يرضى بحاله، وكان نمرودا فى كل شيء، وذات ليلة ذهب هذا الضفدع المتمرد إلى الساحرة وأخبرها أنه يريد أن يكون مثل البشر، فترددت الساحرة حيث تعلم أنه خبيث الفعل، ولكنه ذهب أكثر من مرة لإقناعها وفى آخر مرة أقنع إخوته الذهاب معه إلا إثنين رضوا بحالهم وقرروا الإستمرار كما هم. 

وقد نجح هذا الضفدع هذة المرة وإخوته الثلاثة فى إقناع الساحرة مع وعد ألا يسببوا أى أذى، وقد أعطت الساحرة للضفدع الكبير، وكانوا يسمونه النمرود، تعويذة أن يقرأها إذا رغب أحدهم فى أن يرجع ضفدعا مرة أخرى.


وقامت الساحرة بتحويلهم بشرا، وقد ذهب النمرود وإخوته الثلاثه يتمشون فى القرية، فتجمع حفنة من الناس حولهم، على إعتبار أنهم أغراب قد يحتاجون المساعدة، وقد ظن أحدهم أنهم أولاد رجلا طيبا كان فى القرية منذ زمن ورحل مع تجارته ولم يعد وكان هذا التاجر يسمى ( المعلم إبراهيم )، فكان خطأ هذا الظن هو المخرج الوحيد للنمرود وإخوته، وكان الجميع يحترم المعلم إبراهيم لحسن خلقه وأمانته، وأصر أهل القرية أن يحسنوا ضيافتهم، وإجتمع أهل القرية وأخذوا يتجاذبون الحديث مع النمرود وإخوته وإذا بقاضى المدينة يقول لهم أنهم رجعوا القرية قبيل القحط، لأن سنوات عجاف آتية على القرية كما أخبرتهم الساحرة، وقد دار الحوار التالى؛


- القاضى: أنتم أولاد رجل صالح ولكنكم رجعتم قبيل حلول القحط. 

= النمرود: من قال أن القحط قادم ؟


- القاضى : الساحرة قالت ذلك.

= النمرود : ولكن الساحرة لا تعلم الغيب، وهى كاذبة وإن صدقت.


- القاضى: أحسنت قولا يا ولدى، ما اسمك ؟

= النمرود : فارس 


- القاضى : أحسنت يا فارس، ولكن ما الحل إذا؟

= النمرود: أولا نقتل الساحرة،  لأنها تثير الخوف بيننا جميعا. 


القاضى : ولكن، ماذا نفعل إن حل القحط. 

= النمرود : قد يأتى القحط وقد لا يأتى. 


القاضى: وماذا نفعل لو أتى. 

= النمرد: أعطونى من كل قطعة أرض نصف إنتاجها، سأخزنه فى مخزن كبير سأبنيه، حتى إذا إحتاج احدكم منه سأعطيه، نظير أن آخذ نصف النصف من الإنتاج.


- القاضى: .............حسنا لا بأس.

= النمرود : حسنا الآن نذهب لقتل الساحرة، حتى لا تثير أى خوف بالقرية. 


وذهبوا وقتلوا الساحرة، وقد أقام النمرود المخزن كما وعدهم، وحلت سنوات كثر فيها الثمر، فما كان أحد ليطلب شيئا مما قد خزن، وقد استبشر أهل القرية بالنمرود ( فارس)، حتى أصبحوا يرجعون إليه فى كل أمر، وكان يعظهم يوم الجمعة والسبت والأحد، ويتلوا عليهم الفضائل. 


وكان النمرود قد أسر إلى بعض من أهل القرية أن القاضى يسرق من أهالى القرية دون علمهم وأنه يفعل الموبقات، وأنه، النمرود، إن يريد بهم إلا خيرا، وأنه الأفضل أن يقتلوا القاضى، فتردد القوم قليلا، ولكنه ألح عليهم حتى قتلوا القاضى، وهنا إختلف أهل القرية لمجموعات، فئة تؤيد النمرود فى كل شيء، وفئة ترى أنه كان من المفروض إستبيان أمر القاضى ومحاكمته أولا قبل قتله، وفئة ترى أن القاضى لا يرتكب هذه الخطايا.


ومر وقت، وإذا بالمياه قد جفت، والزرع قد مات، وبدأ أهالى القرية يتضورون جوعا، فظن بعضهم أنها لعنة الساحرة المقتولة، وذهب البعض بأنه ذنب القاضى، واختلفوا بينهم. ولكنهم لجأوا إلى النمرود فهم قد قاموا بتخزين الثمار عنده لأعوام عديدة، فبدأ بإعطائهم شيئا قليلا ولكنه كان كاف ليعيشوا، ولكن اشتد القحط فى العام التالى فأعطى فقط إثنين من إخوته وإخيه الثالث طالبه بالوفاء لوعده للناس، ولكنه رفض الإستماع لاخية الطيب وطرده من البيت. 

ولكن مع العام التالى، مات الكثير من أهل القرية جوعا، والبقيه الباقية ذهب منهم من يستجدى من النمرود بعضا من  ثماره ليعيش، ومنهم من يطلب حقه كاملا، حتى إجتمع أهل القرية جميعا،  وعندما علم النمرود بذلك دخل للاختباء داخل مخزنه المترامى الأطراف وحاول الوصول إلى التعويذة التى أخذها من الساحرة ليعود ضفدعا مرة أخرى للنجاة من بطش البشر، فلم يجدها وتذكر أنه قد تخلص من التعويذة يوم أن قتلوا الساحرة. وكان صراخ أهل القرية يصم الآذان وذهب الجميع للوصول إليه وكان إخوته مع أهل القرية يبحثون عنه، وقد وجدوه مختبئا تحت الغلال، فقام إخوته بإخبار أهل القرية أنه ليس بشرا وأنه ضفدع ملعون وأنه وجب حرقه، فأنكر صارخا وأقسم أنه ابن المعلم إبراهيم،  ولكن لم يصدقه أحد. 

فاجتمع أهل القرية وأخذوا يطعمون من قارب الهلاك بسبب الموت، وتكفل الحكماء بإرجاع الحقوق لأصحابها، إلا أنهم إختلفوا فى مصير الضفدع الملعون، فمنهم من يرى حرقه ومنهم من يرى قتله دون محاكمة، ولكن إجتمع القوم على العدل ( فبالعدل والرحمة فقط يرقى الإنسان).

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة