U3F1ZWV6ZTI4MzIwMDE5NjkzNTY5X0ZyZWUxNzg2NjcxNzI3OTEzMA==

الكاتبة تغريد نصرالله سرور تكتب انتبه.. ليست لدينا بنت تحرد..-جريدة الهرم المصرى نيوز

انتبه..!  ليست لدينا بنت تحرد..!

بقلم الكاتبة / تغريد نصرالله سرور

              إذن ..فلتذهب زوجتي إلى الجحيم...! )))


لا شك  في أن عدد الدعاوى التي وصل المحاكم الشرعية أصبح ملفتا للنظر ويثير القلق ، سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن نزاعا اسرويا واحدا من أصل خمسة هو الذي يصل إلى المحكمة ، أما النزاعات الأخرى وإن لم تصل إلى ساحات المحاكم لكنها تبقى براكين خامدة قابلة للإنفجار كل لحظة ، تماسك الأسرة له أسبابه ، كما أن تفككها له أسبابه ، منها : انحسار مساحات كبيرة من تلك القيم والمناقب والتقاليد التي كانت تسود علاقات الأفراد ، فالذي نذكره فيما مضى  أن الزوجة حين كانت ترجع لبيت أهلها ، يستقبلها الأهل بالامتعاض قائلين لها : ليست لدينا بنت تحرد ، الشعار السائد آنذاك ، قبر الزوجة هو بيتها .


هذا القول فيه دلالة واضحة على الرغبة في استمرارية الزواج وابديته ، أما اليوم ، ما أن تضع الزوجة قدميها في دار أهلها حتى تسارع هي وأهلها إلى المحاكم والمحامين .

فيما مضى ، ما كان الزوج يقبل أن تغادر زوجته منزلها ليلا مهما كان خلافه معها عميقا ً إلى أن يأتي الصباح وعندها يصحبها بنفسه إلى دار أهلها معززة مكرمة ، مدفوعاً بالأخلاق الفروسية .

أما اليوم فنرى العجب العجاب ، لا يطردها فقط ، إنما يستدعي الشرطة ليلا أحياناً لإخراجها من المنزل ، ولتذهب بعدها زوجته إلى الجحيم.

من الأسباب التي نراها اليوم في القضاء الشرعي كعامل في تقويض أركان الأسرة ، وذلك الخداع المتبادل أثناء فترة الخطوبة .

المعروف أن الخطوبة فترة زمنية يدرس كل من الطرفين طباع الطرف الأخر ، يعرفه ويفهمه على حقيقته .


الذي يحدث أن كلا من الطرفين يأخذ في خداع الطرف الأخر / فالخاطب يظهر محاسنه وكرمه وحسن أدبه ، ويخفي ما أمكنه من عيوبه ، والخاطبة تفعل ذلك .

يأتي موعد الزواج وتنتهي اللعبة وتسقط الأقنعة ويظهر كل من الطرفين على حقيقته  ويبدأ الخلاف ..ليأتي دور المحامين وهات يامحاكم .

ومن الأسباب التي نراها في المحاكم تقوّض الأسرة وتدفع الطرفين أو أحدهما إلى طلب الطلاق هو عدم دراسة أهل الطرف الأخر ، يتبادر إلى ذهن الخاطب أن ما يهمه هو خطيبته وهذا ما يتبادر إلى ذهن الخاطبة ، وينسى كل من الطرفين دراسة الأهل ناسيا أن أهلها سيصبحون أهله وأهله سيكونون أهلها .


من المفارقات المؤلمة أن نسمع شكوى أحد الطرفين عن أهل الطرف الأخر ، رجل يقول : زوجتي ليس فيها عيب ، العيب هو أهلها يا أخي.. وجع رأسي يأتيني من أهلها.. أبيها وأمها.. أهلها بخلاء.. أهلها كذا... وكذا.

نسمع أيضا من الزوجات ، العيب ليس فيه هو إنما في أهله.. ليبتعد عن أهله وانا راضية به.

المرء لا يستطيع التخلي عن أهله رجلا كان أم امرأة ، ومادام لا يستطيع التخلي عن أهله يصبح أخذ أحوال الأهل بالحسبان أمرٌ له ضروراته.

من الأسباب ايضاً الخلاف حول راتب الزوجة ومدى مساهمتها في أعباء الأسرة ، البعض من الزوجات يعتقدن أن راتبها من شأنها وحدها ، وهي حرة أن تصرفه في الجهة التي تريد ولاسيما إذا كانت مسؤولة مادياً عن بعض أفراد أهلها.


الزوج يرى غير ذلك ، يعتقد أن واجب زوجته أن تضع راتبها تحت تصرفه ينفقه في شؤون البيت مادام يتحمل هو غيابها عن المنزل ، بينما هي ترى أن مجرد إعفاء الزوج من طلباتها ونفقتها مساهمة فعلية كافية .

من الأسباب الجوهرية التي تسوق الخلافات الزوجية إلى ساحات المحاكم  ، النزاع حول ملكية المنزل ، فكثير من الأزواج وتحت وطأة لحظة عاطفية معينة يملكّون الزوجة كامل الدار ، وفي لحظة خلاف يتسرب إلى الزوج شعور الندم ، فيحاول استرجاع ما فرط به ، ترفض الزوجة بالطبع ، ويبدأ الخلاف ويأخذ شكل المهاترة ، وتبدأ المحاكم ويجيش كل من الطرفين قواه في مواجهة الطرف الأخر ، ولا يفوت أحدهما شيء  أن يتذكره في هذه المواجهة الساخنة الملعونة إلا الأولاد ، فهم أخر مايفكر به هذان الأبوان المتنازعان.

طبعا ، تحت وطأة ضربات هذه الخلافات لا تصمد الأسرة طويلا / إلا أن الأسوء أن تصمد وعي على هذه الحال من القلق والاضطراب الذي يدفع ثمنه الأولاد من حياتهم ومستقبلهم.

علماء القانون والاجتماع عددوا أسباب جنوح الأحداث ، إلا أن تفكك الأسرة وخلافات الأبوين كانت في طليعة هذه الأسباب.


ومما يلفت النظر ويحز في النفس أن الخلافات الزوجية وتفكك الأسرة ليست وقفا على سوية ثقافية معينة ، فالذي نراه أن هذه المماحكات الطاحنة تأخذ بتلابيب أكثر الأزواج والزوجات عراقة بالدراسة ولا يبدو أنه يعنيهم من ثقافتهم شيء وكأنها للزينة أو للتصدير فقط.

لذلك ومن أجل حياة اسروية سعيدة لا بد من إحياء القيم الأخلاقية وأن يكون الأبوان في المنزل وأقول الأبوان ولا أعني أحدهما فقط ، مثالا حسنا يقتدى به الأبناء ، وخير ما نعطيــه لابناءنا من الأمثلة الحسنة العفو والمغفرة والتسامح سيما ونحن  في شهر رمضان المبارك شهر المغفرة والتسامح .

بقلم المحامية تغريد سرور



 

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة