كتبت / الاعلامية بيان مقبل
منذ بداية مسلسل ( نعمة الأفوكاتو ) إلى هذه اللحظة ، ما زال العمل متصدراً القائمة بين الأعمال الدرامية المصرية في شهر رمضان المبارك لسنة ٢٠٢٤ ، وتقدم نجمة مقالي في مسلسلها ( نعمة الأفوكاتو ) دراما اجتماعية تشويقة مثيرة، من خلال شخصية ( نعمة أبو علب ) ، فهي محامية ذكية ولكنها تواجه العديد من التحديات والمواقف الصعبة في حياتها سواء من جانب زوجها الذي يخونها ويسرقها أو من ناحية عملها .
في البداية سأتحدث عن نقطة هامة جداً لم تلفت انتباهي أثناء عرض البوستر الرسمي للعمل قبل بداية شهر رمضان المبارك ، ولكنها كانت واضحة جداً بعد عرض حلقات المسلسل ، وهي بأن الفنانة مي عمر تخلّت في هذا الموسم عن مستحضرات التجميل التي أصبحت جزءًا مهماً للفنانات أثناء ظهورهن في أعمالهن الدرامية ، وأعتبر بأن طلّة الفنانة مي عمر دون مستحضرات التجميل في هذا العمل من المرات القليلة والنادرة في مسيرتها وأعتبرها خطوة جريئة جداً ، فمن النادر أن تتخلى فنانة عن مستحضرات التجميل أثناء تأديتها لدورها ، وهذه الصورة بأكثر من ( كدر ) نرى فيها وجه مي عمر خالياً من المستحضرات التجميلية .
أيضاً فيما يخص ملابس الشخصية ، فقد أظهرت مي عمر بطريقة مختلفة عن أدوارها التي قدمتها سابقاً ، وتعطي انطباعاً لنا كمتلقيين بأن شخصية ( نعمة أبو علب ) شخصية ( غلبانة ) وقريبة من قلوبنا ومشاعرنا كمتلقيين ، وأقصد بذلك بأنها ( وحدة مننا وفينا ) .
لننتقل الآن سوياً في الحديث عن اسم المسلسل ( نعمة الأفوكاتو ) ، فهو ملفت بشكلٍ كبير جداً ، سؤالي هنا : لما يحمل هذا الاسم بالتحديد ؟ إجابتي هي بأن الاسم نوعاً ما ينبع من عصرٍ قديم ، فيما يحمل في طياته رسالة لنا بأن بطلة العمل محامية من ( بتوع زمان ) ، المحاميين اللذين يحملون في صفاتهم دماثة الخلق ، ومتمسكين في الحق والعدل والخير والضمير الحي ، و لدينا إجابة أخرى ألا وهي : بأن ( نعمة ) محامية فقيرة وبسيطة جداً ، ولكنها تتميز ب ( الشطارة والأصالة والجدعنة ) ، فهي تشبه ملابسها البسيطة التي ترتديها ، ومركبتها المتواضعة ، لهذا السبب سمي العمل بهذا الاسم .
فيما يخص المشاهد التي طُرحت إلى هذه اللحظة ، ففي هذا العمل لدينا العديد من المشاهد المليئة بالألغام والاختبارات بالنسبة ل ( مي عمر ) ، فهناك مشاهد صعبة جداً كما لاحظت من خلال متابعتي للعمل ، وهي مشاهد المحاكمات ، فقد لعبتها باحتراف جاذب مما أدى آدائها إلى تخيلنا كمتلقيين بأنها تعمل في مجال المحاماة بجانب ممارستها للتمثيل ، فلو تحدثت قليلاً عن مشهدها في المحكمة عندما ترافعت عن ( ياسين كمال الألفي ) ، الذي لعب دوره الفنان عماد زيادة ، فقد كانت واثقة من نفسها أمام الكاميرا ، وكما قلت لكم سابقاً وكانها تعمل في المحاماة منذ سنوات ، بالإضافة إلى الحوار والسيناريو المُلقى في هذا المشهد ، فقد لفتتني عبارة جميلة جداً عندما قالت : ( تُمنع الأماكن المصرّح لها بتقديم المشروبات الروحية في الأيام المباركة كليلة الإسراء والمعراج ، هذه الليلة الذي يتهم بها هذا الرجل موكلي بالسُكْرِ فيها ، والأماكن دي يا سيادة القاضي بتسمي الليالي المباركة < ليلة ناشفة > ) … جملتها في هذا المشهد جملة عميقة جداً ، فكان لها وقع على مسامعنا وأثرت في مشاعرنا ، وجعلتنا نقف أمامها نتأملها متأثرين بها ، وهذا ما أسميه بالفن الهادف الذي يحمل رسالة هادفة للمتلقي ، الرسالة التي يأخذ منها العظة والعبرة وتساهم في تغييره للأفضل ، وهذا ما فعلته ( مي عمر ) ، فرسالتها في هذا المشهد تحمل مضموناً عظيماً وهو ( احترموا الليالي المباركة ) ، وفي الشق الآخر من المشهد رسالة أخرى ألا وهي ( وإن طال الظلم سيتلاشى ويُفتح أمامه باب الحق والعدالة ) .
أيضاً لدينا مشهد آخر وهو مشهد القبر عندما تُدفن حية من قِبل زوجها وزوجته الثانية التي تزوجها بالسر ، والتي ضربتها على رأسها بتمثال حديدي أثناء مواجهتها لزواجهم واستفزازها بفتح ملفات ماضيها المليء بالمطبات الغير أخلاقية أمام زوجها ، هذا المشهد الذي انتظرناه كثيراً ، والذي أدته بطريقة لا يجرؤا أحداً بمنافستها بآداءه من وجهة نظري .
بالإضافة بالطبع إلى لغة الجسد التي تمتلكها ( مي عمر ) في هذه الشخصية ، ففي هذه الصورة تعطينا انطباعاً عن ثقتها بنفسها واعتزازها بانجازاتها ، فيما تعطينا نظراتها هنا أيضا انطباعاً بحزنها الشديد والعميق من زوجها الذي أحبته كثيراً ، والذي اتسم بالتكبر والغرور عليها وعلى تضحياتها له وتحول إلى رجلٍ مصلحته فوق مشاعر زوجته .
في المجمل …
قررت النجمة مي عمر أن تكتب شهادة ميلادها الحقيقية كنجمة متألقة ومبهرة، فآدائها لهذا العام جمع بين السلاسة والتلقائية لشخصية قد تبدو بسيطة، إلا أنها مركبة وصعبة ومتناقضة جمعت بين الضعف والقوة، السطحية والعمق .. فبرأيي أن مي عمر قد فعلتها هذا العام ( شابوه يا مي ) .
أخيراً وليس آخراً ، زوايا حكاية هذا العمل تقدم للمرأة رسالة عميقة جداً ورسالة سامية ، وهي ( لا تحبي رجلاً أكثر مما ينبغي ، ولا تعطيه فيض المشاعر والأحاسيس الصادقة ، فليس كل الرجال يستحقون تلك المشاعر وتلك الأحاسيس ، < واللي يقول صوابعك كلها مش زي بعض ، أقله صوابعي كلها مختلفة بس كلها ظوافر والظوافر وظيفتها بتجرح ، فخدي بالك )
فيما تقدم رسالة سامية أيضاً للرجال وهي ( لا تطمع كثيراً ، وارضى بقسمتك التي قسمها الله لك ، فالقناعة كنزٌ لا يُفنى ، وكل طماع ذليل ) .
نعمة الأفوكاتو ( رسالة وإبداع ) … ( شابوه ) …
إرسال تعليق