U3F1ZWV6ZTI4MzIwMDE5NjkzNTY5X0ZyZWUxNzg2NjcxNzI3OTEzMA==

حين أنقذ الإرشاد الأسري بيتًا كان على وشك الانهيار - الهرم المصرى نيوز


 


✍️بقلم د مروة الليثي #دليلك للطمأنينة 

كانت منى تجلس على طرف السرير، تحدق في اللاشيء، بينما يسمع زوجها عمرو صوت التلفاز في الصالة كعادته كل مساء. لم يتحدثا منذ ثلاثة أيام، سوى بعبارات مقتضبة حول احتياجات البيت.

لم يكن بينهما خيانة ولا خديعة، فقط تراكم من الصمت، وجفاء امتد حتى صار بينهما جدار لا يُرى.

بدأت القصة حين اكتشفت منى أنها لم تعد تطيق الحياة داخل هذا البيت. كل نقاش يتحول إلى معركة، وكل محاولة للتقرب تُقابل ببرود.

أما عمرو، فكان يشعر أنه مهما فعل لا يُرضيها، وأنها أصبحت تنتقده في كل شيء.

وبين شعور كل طرف بالخذلان، بدأ البيت ينهار ببطء.

في أحد الأيام، نصحتها صديقتها أن تذهب إلى "مرشدة أسرية".

ضحكت منى وقالت: "هو إحنا مجانين علشان نروح لحد كده؟".

لكنها في لحظة ضعف قررت أن تجرب. لم تكن تصدق أن جلسة حوار ممكن تغيّر شيئًا.

في الجلسة الأولى، جلست منى وعمرو متوترين، كل منهما ينتظر من الآخر أن يُدان.

لكن المرشدة لم تبدأ باللوم، بل سألت سؤالًا بسيطًا:

"متى كانت آخر مرة شعرتما أنكما فريق واحد؟"

كان السؤال كفيلًا بإسكات كل الأصوات الغاضبة في رأسيهما.

تذكرا يومًا بعيدًا كانا يضحكان فيه معًا أثناء تجهيز شقتهما قبل الزواج.

ابتسم عمرو بلا وعي، ونظرت منى إليه لأول مرة منذ شهور دون غضب.

من هنا بدأت رحلة العلاج.

تعلم عمرو أن الاستماع لا يعني الانتظار حتى يأتي دوره في الرد، وتعلمت منى أن التعبير لا يكون بالصوت العالي.

بدأ كل واحد منهما يرى الآخر كما لو كان يكتشفه من جديد.

بعد عدة جلسات، لم يصبح كل شيء مثاليًا، لكنهما تعلما لغة جديدة: لغة الفهم بدل الدفاع، والاقتراب بدل الهجوم.

عاد البيت ينبض من جديد، وعاد الأبناء ينامون في هدوء بعد أن اختفى الصراخ من المساء.

اليوم، حين تسأل منى عن السر تقول ببساطة:

"الإرشاد الأسري ما غيرش جوزي... علّمني إزاي أفهمه، وعلّمه إزاي يسمعني."

قد يبدو الأمر بسيطًا، لكنه في الحقيقة أنقذ بيتًا كان على وشك الانهيار.

ولأن كل بيت معرض لنفس المصير، فإن الإرشاد الأسري ليس ترفًا، بل حياة تُستعاد من جديد.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة