U3F1ZWV6ZTI4MzIwMDE5NjkzNTY5X0ZyZWUxNzg2NjcxNzI3OTEzMA==

طه النمر.. صانع السلام في زمن الضجيج - جريدة الهرم المصرى نيوز




كتب / معتز رفعت 

في زمنٍ يعلو فيه صوت الخلاف على صوت العقل، وتغيب فيه المبادرة الطيبة وسط زحام المصالح، يطلّ من صعيد مصر رجلٌ اختار أن يكون صوت الحكمة بين الناس، لا ينتظر دعوة رسمية ولا يطلب مقابلًا، لكنه يذهب حيث تُهدَّد الألفة، ليُعيدها كما كانت… وربما أجمل.

إنه طه هاشم محمود حامد، الذي يعرفه أبناء القوصية باسمٍ صار جزءًا من شخصيته: طه النمر.


ابن أم القصور.. لكنه ابن كل القرى


وُلد طه النمر في الثالث والعشرين من نوفمبر عام 1973 بقرية أم القصور التابعة لمركز منفلوط – محافظة أسيوط. لكن من يعرفه يدرك أنه تجاوز حدود قريته منذ زمن، إذ جعل من كل قرية في الصعيد بيتًا له، ومن كل بيتٍ قضية إنسانية تستحق الإصلاح.

لم يكتفِ الرجل بمسارٍ دراسي تقليدي، بل خاض رحلة علمٍ متفرّدة: بدأها بدبلوم التجارة، ثم واصل طريقه إلى المعهد الفني التجاري، فالثانوية العامة، فكلية الحقوق بجامعة أسيوط، وحصل على دبلومة الشريعة الإسلامية، ثم معهد القراءات بدرجته العالية، ومعهد الخطوط العربية، وصولًا إلى كلية النجارة التي أتقن فيها الصنعة قبل أن يتقن الخطاب.


العلم عنده رزق.. والرزق لا يُرفض


حين تسأله: ما الذي يدفعك إلى هذا التنوع في الدراسة والتجربة؟

يبتسم طه النمر ابتسامة الواثق ويقول ببساطة:


> "العلم رزق.. والرزق لا يُرفض."


تلك العبارة التي تختصر فلسفته في الحياة: لا يتوقف عند حدود، ولا يرضى بأنصاف الحلول، ولا يرى في الزمن عائقًا أمام التعلم، ما دام القلب مؤمنًا بقيمة ما يفعل.


الصلح.. مهنته التي لم يُعلنها


في شارع مكة المكرمة بمدينة القوصية، لا يحتاج طه النمر إلى مكتب أو لافتة تُعلن عن نشاطه؛ لأن اسمه وحده أصبح عنوانًا للثقة.

يُصلح بين المتخاصمين، يُواسي المكلومين، يُشارك في أفراح الناس وأتراحهم، ويُعيد جسور المودة التي هدمتها الخلافات.

لا يسعى وراء شهرةٍ ولا يسجل حضوره في صور المناسبات، لكن أثره باقٍ في قلوب الناس، حتى صار الصلح بين الناس عادةً يومية لا عملًا موسميًا.


الرجل الذي جمع بين الصنعة والمروءة


طه النمر لا ينتمي إلى طبقة من أصحاب الياقات البيضاء، لكنه يمتلك من الحكمة والنباهة ما يجعل جلساته تُشبه مجالس الكبار.

يمتلك فكر القانوني، ووجدان الصعيدي، وذوق الخطاط، وحسّ الصانع الذي يعرف قيمة الجهد.

وفي بيته، هو الزوج الوفي والأب الحنون لأربع بناتٍ يفاخر بهن كما يفاخر بمسيرته في الخير.


ضمير يمشي على الأرض


في زمنٍ تغيّرت فيه الموازين، يذكّرك طه النمر أن الرجولة لا تُقاس بالجاه ولا بالمال، بل بقدرة الإنسان على أن يكون عونًا لغيره.

هو نموذجٌ نادر للرجل الصعيدي الذي يزاوج بين الإيمان والعمل، وبين القوة والرحمة.

لا يُلقي الخطب، لكنه يُقدّم الدرس الأهم: أن الخير لا يحتاج إلى مؤسسة، بل إلى قلبٍ لا يعرف الراحة إلا في فعل الخير.


 



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة