U3F1ZWV6ZTI4MzIwMDE5NjkzNTY5X0ZyZWUxNzg2NjcxNzI3OTEzMA==

الهزيمة النكراء للجزائر: وصمة عار تاريخية في ملف الصحراء المغربية - الهرم المصرى نيوز


 



*بقلم نرجس قدا  


في أروقة الدبلوماسية الدولية، حيث يكتب التاريخ بأقلام الحكمة والصبر، وقفت الجزائر اليوم أمام مرآة حقيقتها المُرّة، تُواجه هزيمة نكراء لم تكن مجرد خسارة سياسية عابرة، بل انهيارًا شاملاً لنظام حاكم راهن على مصير شعبه في نزاع مصطنع استمر لأكثر من خمسة عقود. المغرب، بفضل سياسته الرشيدة والحازمة، نجح في ترسيخ سيادته التاريخية والقانونية على أقاليمه الساقية الحمراء ووادي الذهب، مُثبتًا للعالم أجمع أن الحق ينتصر دائمًا على الوهم. هذه الهزيمة ليست للرئيس المعيّن تبون وحده، بل للجزائر بكل ما تحمله من تاريخ قصير نسبيًا – إذ وُلدت الدولة الحديثة سنة 1962 – ولنظامها الذي حولها إلى "مزبلة على الهواء الطلق"، كما وصفها الرئيس الفرنسي السابق شارل ديغول عندما قرر التخلي عن الجزائر الفرنسية، تاركًا وراءه إرثًا من الفوضى والاعتماد على الخارج.


دعوني أعود بالذاكرة إلى جذور هذا النزاع المُفتَرَض، الذي لم يكن يومًا قضية جزائرية أصيلة، بل أداة في يد نظام عسكري يسعى للتمدد الإقليمي على حساب الاستقرار المغاربي. منذ السبعينيات، أنفقت الجزائر عشرات الملايير من الدولارات – أموال الشعب الجزائري الذي يعاني اليوم من البطالة والفقر والانهيار الاقتصادي – على دعم "البوليساريو"، تلك الكيان الوهمي الذي أصبح رمزًا للفشل الدبلوماسي. كانت الرهانات الجزائرية تتجاوز المنطق: محاولات لفرض واقع مزيف في الاتحاد الأفريقي، وتوزيع الدعاية في الأمم المتحدة، وتمويل معسكرات تُشبه السجون أكثر منها مخيمات لاجئين. لكن المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، اختار طريقًا آخر: التنمية الشاملة للأقاليم الصحراوية، مشاريع استثمارية بلغت مليارات الدراهم، ومبادرة الحكم الذاتي التي حظيت بدعم دولي واسع، من الولايات المتحدة إلى فرنسا وإسبانيا. اليوم، مع اعترافات متتالية بسيادة المغرب – آخرها من دول أوروبية وأفريقية – تحولت الجزائر إلى مراقب صامت، يشهد على انهيار أوهامه.


هذه الخسارة ليست مجرد إحراج دبلوماسي؛ إنها إهانة تاريخية أكبر من أي شيء شهدته الجزائر في تاريخها القصير. نظامها، الذي يعتمد على القمع الداخلي والمغامرات الخارجية، أضاع فرصًا ذهبية للبناء الوطني. تخيلوا لو وُجهت تلك الملايين إلى بناء بنى تحتية حديثة، أو تعزيز التعليم والصحة، أو حتى إنشاء اقتصاد مستقل عن النفط المتقلب. بدلاً من ذلك، أصبحت الجزائر ساحة للدعاية الفاشلة، حيث يُقال للشعب إن "العدو" المغربي هو سبب كل المشكلات، بينما الحقيقة أن الفساد والاستبداد هما السبب الحقيقي. الرئيس تبون، الذي عُيّن في ظروف غامضة، يحمل جزءًا من المسؤولية، لكنه ليس إلا واجهة لنظام أعمق، يعود إلى عصر بوُ مدين وبُوتفليقة، حيث كانت السياسة الخارجية تُدار كلعبة قمار على حساب الشعب.


من منظور مغربي، يُثير هذا الوضع شعورًا بالأسى الممزوج بالفخر. نحن في المغرب، نعرف قيمة الوحدة الترابية، ونؤمن بأن الصحراء جزء لا يتجزأ من هويتنا التاريخية، مدعومة بمعاهدات قديمة وأدلة أثرية. لقد نجحنا في تحويل التحدي إلى فرصة، من خلال استضافة المنتديات الدولية في العيون والداخلة، وبناء مدن حديثة تجذب الاستثمارات. أما الجزائر، فقد عزلت نفسها إقليميًا، مغلقة الحدود منذ 1994، ومُقاطِعَةً الاتحاد المغاربي العربي الذي كان يمكن أن يكون قاطرة للتنمية المشتركة. اليوم، مع تراجع نفوذها في أفريقيا وتعزيز المغرب لعلاقاته مع القارة، يبدو أن الجزائر تدفع ثمن أخطائها باهظًا.


في الختام، هذه الهزيمة وصمة عار ستظل ملازمة للجزائر، تذكيرًا بأن الرهان على الكذب والتآمر لا يدوم. المغرب، بصموده وحكمته، أثبت أن الحق ينتصر، وأن الشعوب الحرة تبني مستقبلها على الأرض لا في السماء. أتمنى للجزائريين يومًا يستعيدون فيه كرامتهم، بعيدًا عن النظام الذي خان أحلامهم. فالسلام والتعاون بين الشقيقين المغربي والجزائري هو السبيل الوحيد لمستقبل مزدهر في المنطقة.


**نرجس قدا**  

صحفية مغربية، متخصصة في الشؤون الإقليمية والدبلوماسية.  

الرباط، 27 أكتوبر 2025.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة