بقلم ا. سبيله صبح
كانت " هند " فتاة عادية في نظر الجميع، لكنها في داخلها كانت تحمل نارًا صغيرة لا تهدأ.
نار الشغف، والرغبة في أن تصنع لنفسها طريقًا مختلفًا، كانت ترى أنها تستطيع أن تنجح رُغم كل المعرقلات التي تواجهها.
منذ صغرها وهي تحلم بالنجاح، بالاستقلال، بأن تكون امرأة يُشار إليها بالبنان، لكن الحياة — كعادتها — لم تكن سهلة أبدًا.
في أول محاولة لها لبدء مشروع صغير، خسرت كل ما تملك.
وفي الثانية، سخر منها أقرب الناس إليها.
وفي الثالثة، تعبت من المحاولة وكادت تستسلم إلا أنها كانت تُقاوم، وتصارع الحياة .
توالت السقطات … حتى وصلت إلى التاسعة، وبدأ اليأس يهمس في أذنها:
"كفاية............النجاح مش ليك."........ مش من حقك......... لستِ أهلًا له.
وفي إحدى الليالي، جلست أمام مرآتها، تُحدّق في وجهها المرهق، وعيناها محملتان بخيبات كثيرة.
لكنها هذه المرة لم تبكِ… بل ابتسمت، وقالت في نفسها:
"يمكن ربنا ما رفضش حلمي......... يمكن بيجهزني ليه......... يمكن بيقويني وبيخلصني من ضعفي علشان لما أوصل أنجح بجدارة ."
كانت تلك اللحظة هي نقطة التحوّل.
فبدل أن ترى الفشل عدوًّا، بدأت تراه معلمًا.
كل تجربة مريرة تحوّلت في دفترها إلى درس، وكل سقوط صار خطوة للأعلى.
بدأت تقرأ، تتعلم، تجرّب من جديد، لكن بعقلٍ أكثر وعيًا، وروحٍ أكثر صبرًا.
وبعد عام، حدث ما لم تتخيله.
تمّت دعوتها لإلقاء كلمة في مؤتمر عن "قوة الفشل".
وقفت على المسرح أمام جمهور كبير، يعلوهم الصمت، وروت قصتها بكل صدق.
حكت عن ألمها، وعن خوفها، وعن تلك الليلة التي قررت فيها أن تنهض بدل أن تنكسر.
وفي نهاية كلمتها، وقفت فتاة صغيرة في الصف الأول وقالت: "أنا كنت ناوية أستسلم… لكن بعد كلامك، هأبدأ من جديد."
حينها، امتلأت عينا مريم بالدموع.
لقد أدركت أن كل سقوط كان له معنى، وأن الطريق الذي بدا مليئًا بالأشواك… كان في الحقيقة يمهّدها لتُزهر.
* الدرس الذي لا يُنسى:
الناجح لا يُقاس بعدد المرات التي انتصر فيها، بل بعدد المرات التي سقط ثم نهض من جديد.
الفشل لا يعاقبك، بل يختبر صبرك، ويصقل روحك، ويعيد تشكيلك لتصبح نسخة أقوى من نفسك القديمة.
فلا تخف من السقوط… لأن الأرض التي تؤلمك اليوم، قد تكون هي نفسها التي تدفعك إلى التحليق غدًا.
دمتم بخير.

إرسال تعليق