العنف والشغب المدرسي بين الطلاب
الأسباب .. المظاهر .. كيفية التصدي لهذه الظاهرة
بقلم/ د.سحر العوضي
باحثة في علم الاجتماع والإرشاد الأسري والتربوي.
أخصائية اجتماعية بمكتب التوجيه والاستشارات الأسرية بالمنصورة سابقًا.
لاشك أن ظاهرة العنف بين الطلاب من الظواهر التي تؤرق المجتمع لما لها من آثار سلبية على الفرد والمجتمع وعلى سير العملية التعليمية، وكفاءتها، وتحقيق أهدافها المنشودة، وهناك عوامل وأسباب عدة تقف وراء هذه الظاهرة منها:
العنف الأسري داخل أسر الأطفال التي تمارس العنف: فالطفل الذي نشأ في أسرة تمارس العنف سواء أكان نفسي أم بدني أم لفظي من الطبيعي أن يستعمل العنف خارج الأسرة بين زملائه وأصدقائه ويألف العنف، وبالتالي يصبح وسيلة التعامل بالنسبة له.
ضعف الوازع الديني: فالطفل أو الطالب الذي لم ينشأ تنشئة دينية تمكنه من معرفة الحلال من الحرام، والحق من الغي والضلال من الطبيعي والمنطقي أن يعتدي على الآخرين بدنيًا ولفظيًا ونفسيًا (متمثلًا في التنمر وغيره)
الحالة الاقتصادية: فالحالة الاقتصادية الصعبة للبعض، حيث عدم إشباع احتياجات الطفل قد تؤدي به إلى استخدام العنف ضد زملائه كنوع من تفريغ ما لديه من كبت وحرمان خصوصًا أولئك الذين يمتلكون ما حرم هو منه سواء الملبس أو المأكل أو المصروف الشخصي اليومي أو الأدوات المدرسية أو غيرها.
كثرة مشاهدة التلفاز وما يعرضه من مشاهد للعنف من خلال الأفلام والمسلسلات، وكذلك كثرة استخدام الهاتف وما يحويه من تطبيقات وألعاب عنيفة.
استخدام أساليب تنشئة اجتماعية خاطئة، فالتدليل الزائد للطفل أو الطالب، والإفراط في التساهل معه، يؤدي به إلى الانجراف في الطريق الخطأ، وكذلك التسلط الزائد، وكثرة استخدام العقاب تجعل الطفل نفسه عنيفًا مع الآخرين.
كثرة استخدام المدرسين للضرب والعنف في بعض الأحيان، مما يؤدي إلى اعتياد الطالب على استخدام العنف.
الشعور بالنقص الجسمي أو العقلي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو في المستوى الدراسي أو غيرها.
الفشل الدراسي، يجعل الطفل يشعر بالدونية عن زملائه، فيلجأ إلى العنف والشغب للفت الانتباه له أو لتفريغ ما لديه من كبت أو لرغبته في أن يصبح الجميع مثله فيمنع زملائه من الاستفادة من الشرح.
عدم الشعور بالحب والعطف والحنان، وعدم الشعور بالتقدير والاحترام من الآخرين.
سوء معاملة الأطفال من قبل الوالدين، وتنشئتهم تنشئة سلبية.
التعرض للمشكلات الاجتماعية المختلفة داخل الأسرة مثل: الخلافات الزوجية وغيرها.
الرغبة في الاستقلال عن الكبار أو الرغبة في جذب الانتباه له؛ نتيجة شعوره بالإهمال وعدم الاهتمام سواء بداخل الأسرة أو في المدرسة.
العجز عن إقامة علاقات اجتماعية سليمة مع أقرانه
عدم قدرة الطالب على مواجهة المشكلات التي تواجهه سواء اجتماعية أو دراسية أو غيرها.
الاضطرابات النفسية والعقلية والجسمية والاجتماعية وغيرها.
الاختلاط برفقاء السوء والرغبة في تقليدهم.
نقص المتابعة والإشراف والرقابة الوالدية.
غياب أحد الوالدين أو كلاهما سواء بالطلاق أو الهجر أو السفر أو غيرها مما يؤثر على الحالة النفسية للأبناء وفي بعض الأحيان يلجأ إلى الشغب والعناد ويقاوم أي مظهر للسلطة.
ظروف بيئية: فالمنطقة السكنية التي يعيش فيها الطالب إذا ما كانت تتسم بالعنف والبلطجة والشغب فمن المنطقي أن يميل الطالب إلى استخدام العنف في التعامل مع الآخرين في الغالب، كما أن معيشة عدد من الأطفال في حجرة واحدة لا تجعله يشعر بالراحة والسكينة والاطمئنان، وإنما دائما ما يشعر بعدم الراحة والتوتر والقلق ما يجعله يلجأ إلى العنف.
اختلاف نمط التنشئة بين الأب والأم والصراع فيما بينهم على السلطة داخل المنزل، ومحاولة كل منهما فرض سيطرته على الطرف الآخر وعلى الأبناء.
كثرة استخدام الأساليب العقابية ضد الطفل، أو التفرقة بين الأخوة، مما يؤدي إلى استخدام العنف فيما بينهم وبالتالي يصبح التعامل بالقوة والقسوة والعنف أسلوب حياة، وهو الوسيلة للتعامل مع الأقران والزملاء.
ارتفاع الأسعار، الذي دفع الأب والأم إلى العمل ليل نهار لتوفير المتطلبات الأساسية للأسرة.
مظاهر العنف والشغب المدرسي:
ايذاء الآخرين قولًا أو فعلًا
تهديد الزملاء بالضرب أو الإيذاء البدني
انتهاك القواعد والمعايير.
التحدث أثناء الشرح
الدخول والخروج بصفة مستمرة أثناء الحصة
التحدث بصوت عالي أثناء الشرح
مقاطعة المعلم بصفة مستمرة
التحدث مع الزملاء أثناء الشرح
طرح أسئلة بعيدة عن موضوع الدرس
التنمر على الطلاب الآخرين
محاولة استفزاز المعلم أثناء الحصة
كيفية المواجهة:
لا يمكن مواجهة ظاهرة العنف المدرسي بأي حال من الأحوال دون البدء بالأسرة أولًا فهي المهد الأول للطالب والسبب الأول في السلوكيات التي تصدر عنه سواء أكانت سلبية أم إيجابية، ويمكن مواجهة هذه الظاهرة من خلال:
إقامة علاقات إيجابية بين الأب والأم، وبينهما وبين الأبناء، وبين الأبناء بعضهم البعض، تتسم بالمودة والرحمة والحب والعطف والحنان والاحترام والتقدير.
زيادة الاهتمام بحصص التربية الدينية لغرس الوازع الديني في نفوس الطلاب.
تحريم وتجريم استخدام العنف من قبل المدرسين داخل المدارس والتأكد من تطبيق ذلك.
ضرورة وجود أخصائي نفسي وأخصائي بالمدارس وزيادة فاعلية دورهم والتنسيق فيما بينهم وبين أسر الطلاب الذين يحدثون شغب في الفصول لمعرفة أسباب ذلك ووضع البرامج العلاجية لحل وعلاج المشكلة من جذورها.
شغل أوقات فراغ الطلاب وخاصة في الاجازات بإلحاقهم بالأندية الرياضية ومراكز الشباب والأنشطة الصيفية المختلفة.
الاهتمام بالأنشطة المدرسية وحصص التربية الرياضية والفنية والموسيقية التي تفرغ طاقة الطلاب في مصادر سليمة بدلا من تفريغها في العنف والشغب.
وفي الختام ينبغي تضافر الجهود والتعاون بين الأسرة والمدرسة للتصدي لهذه الظاهرة واجتثاثها من جذورها فأطفال اليوم هما شباب الغد ورجال وقادة المستقبل.
إرسال تعليق