كتب/ مجدي الكومي
تتردد في آذاننا دائماً عبارة "ويل للمطففين"، وهي عبارة تحمل في طياتها معاني عميقة تتجاوز مجرد نقص الميزان والكيل. فالتطفيف، كما يُفهم من السياق، ليس فقط فعلاً مادياً يتمثل في خفض الكميات، بل هو مفهوم أوسع يتضمن الكثير من جوانب حياتنا اليومية.
ان مفهوم التطفيف يعني التقليل من حقوق الآخرين، حتى وإن كان ذلك بشكل طفيف. إن نقص خمسين جراماً مثلاً من كيلو جرام قد يبدو شيئاً تافهاً، لكنه يحمل دلالات كبيرة على عدم الأمانة والعدالة، فالله سبحانه وتعالى خصص سورة كاملة في القرآن لتحذير المطففين، لأن هذا الفعل يعد من الجرائم الاجتماعية التي تؤثر على المجتمع ككل.
المطففون ليسوا فقط البائعين الذين ينقصون الوزن أو الكيل، بل هم أشخاص يتواجدون في كل جوانب الحياة. فمثلاً:
الزوج الذي يطلب من زوجته كل حقوقه دون أن يعطيها حقوقها وايضا يقصر فى حق كفالته لأولاده هو مطفف. هنا يأتي التساؤل: هل نحن دائماً نراعي حقوق الآخرين؟ هل نحن منصفون في تعاملاتنا؟.
الموظف الذي يأخذ راتبه كاملًا لكنه يهمل في عمله، ولا يبذل الجهد المطلوب، هو أيضًا مطفف. فهو يستوفي حقوقه بينما يظلم المؤسسة التي يعمل بها. هذا النوع من التطفيف يمكن أن يؤدي إلى تدهور الأداء ويؤثر على زملاء العمل.
ولننتقل إلى العلاقات الاجتماعية، الشخص الذي يتوقع من أقاربه وذويه الاهتمام به والسؤال عنه، بينما هو قاطع لرحمه، هو مثال آخر للمطفف. هذه الأنانية تُظهر كيف أن التطفيف يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية على الروابط الأسرية والاجتماعية.
لابد من التفكر فى الآية الكريمة "ويلٌ للمطفِّفين • الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون • وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون" تدعونا جميعًا للتفكر في سلوكياتنا، هل نراعي ضمائرنا في أعمالنا؟ هل نتعامل بعدل في علاقاتنا الاجتماعية؟ هل نحن منصفون في حقوقنا وواجباتنا؟
إن التطفيف ليس مجرد جرم اجتماعي، بل هو مرض يمكن أن يفتك بالمجتمع. عندما يتجاهل الأفراد حقوق الآخرين، تتآكل الثقة وتتفكك الروابط الاجتماعية.
لذلك، يحتاج كل منا إلى أن يكون واعياً لسلوكياته وتصرفاته والتزاماته وأن يسعى لتحقيق العدالة في جميع جوانب حياته.
يجب أن نتذكر أن كل فعل نقوم به له عواقب. التطفيف ليس عملاً عابراً، بل هو سلوك يمكن أن يؤثر على المجتمع بأسره.
لذا، لنتعهد جميعًا بأن نكون عادلين ومنصفين في تعاملاتنا، وأن نراعي حقوق الآخرين كما نريد أن تُراعى حقوقنا. فكلنا مسؤولون عن بناء مجتمع يسوده العدل والمساواة، وعلينا أن نكون قدوة في ذلك.
" ويلٌ للمطفِّفين • الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون • وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون"
ثلاث آيات فقط تجعلنا نمعن التفكر في حياتنا العلمية والعملية قليلاً.
إرسال تعليق