U3F1ZWV6ZTI4MzIwMDE5NjkzNTY5X0ZyZWUxNzg2NjcxNzI3OTEzMA==

دور مصر في وقف إطلاق النار وتحقيق الإستقرار في المنطقة - جريدة الهرم المصرى نيوز


 



كتبت/ ساندي حسنين 


تعد مصر من الدول المحورية في منطقة الشرق الأوسط حيث تلعب دوراً دبلوماسياً رئيسياً في حل النزاعات الإقليمية وتعزيز السلام والإستقرار

ومن أبرز أدوارها التاريخية والدائمة هو دورها في التوسط لوقف إطلاق النار بين الأطراف المتصارعة وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل

فقد أثبتت مصر قدرتها على إستخدام قنواتها الدبلوماسية وعلاقاتها الإقليمية والدولية لتحقيق تهدئة الأوضاع وتجنب المزيد من التصعيد مما جعلها وسيطاً لا غنى عنه في الأزمات المتكررة التي شهدتها المنطقة.


فمنذ إندلاع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كانت مصر دائماً في مقدمة الدول التي تدعم الحقوق الفلسطينية وتسعى لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وقد تجلى هذا الإلتزام في مواقفها السياسية ومبادراتها الدبلوماسية وجهودها المستمرة لوقف الحروب المتكررة التي تندلع بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل حيث أن تاريخياً كانت مصر أول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979 وهي خطوة أتاحت لها أن تكون وسيطاً رئيسياً في النزاعات التي تلت ذلك كما أن لمصر علاقات قوية مع مختلف القوى الفلسطينية ما يمنحها قدرة على التفاوض بفعالية وإقناع الأطراف بالجلوس إلى طاولة المفاوضات

وفي كل جولة تصعيد بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل كانت مصر تتدخل سريعاً لوقف إطلاق النار مستخدمة نفوذها الدبلوماسي والتنسيق مع الدول الكبرى والمنظمات الدولية لخفض التوتر وتجنب وقوع المزيد من الضحايا المدنيين.


تستخدم مصر عدة أدوات في جهودها للوساطة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل منها التواصل المباشر مع قيادات المقاومة الفلسطينية وكذلك مع المسؤولين الإسرائيليين مما يساعد في تقريب وجهات النظر والتوصل إلى إتفاقات لوقف القتال كما تعتمد على الضغوط الدبلوماسية وتستثمر علاقاتها الدولية في الضغط على الأطراف المتنازعة للقبول بالتهدئة سواء عبر الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي أو الدول العربية الأخرى 

تدير مصر معبر رفح وهو الشريان الحيوي الوحيد لسكان غزة إلى العالم الخارجي وتستخدمه كوسيلة للضغط على إسرائيل للتخفيف من الحصار المفروض على القطاع.


في كل مرة يندلع فيها تصعيد جديد تتحرك مصر على عدة مستويات:

- محلياً من خلال تأمين حدودها ومنع تداعيات النزاع من التأثير على أمنها القومي.

- إقليمياً عبر التواصل مع الدول العربية. 

- دولياً بالتنسيق مع القوى الكبرى لتثبيت إتفاقيات التهدئة.

في الصراع الأخير الذي إندلع في أكتوبر 2023 بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل برزت مصر كأحد الفاعلين الأساسيين في الجهود الرامية لوقف إطلاق النار فقد شهدت هذه الجولة من التصعيد قصفاً مكثفاً على قطاع غزة مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين وتدمير البنية التحتية في القطاع.


منذ اللحظات الأولى كثفت مصر جهودها الدبلوماسية لعقد إتفاق تهدئة وذلك عبر إرسال وفود أمنية ودبلوماسية إلى تل أبيب ورام الله والدوحة لمناقشة إمكانية وقف إطلاق النار وإجراء محادثات مكثفة مع الولايات المتحدة وقطر والأمم المتحدة لإيجاد حل سريع ينهي العنف المستمر وفتح معبر رفح لإدخال المساعدات الطبية والإنسانية إلى غزة في محاولة لتخفيف معاناة السكان

وفي يناير 2025 نجحت مصر في التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل شمل ثلاث مراحل رئيسية: 

- الوقف الفوري للأعمال العدائية بين الطرفين ووقف الغارات الإسرائيلية والقصف المتبادل.

- تبادل الأسرى والمعتقلين بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل كخطوة لبناء الثقة. 

- إدخال المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار غزة.

حيث لعبت مصر دوراً رئيسياً في تأمين الدعم الدولي لإعادة بناء ما دمرته الحرب.


كما أثارت جهود مصر في تحقيق التهدئة إشادة دولية واسعة حيث أعربت الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي عن تقديرهما للدور المصري الفعال في نزع فتيل الأزمة كما أن الأمم المتحدة اعتبرت أن مصر لعبت دوراً لا غنى عنه في التوصل إلى إتفاق يضمن حماية المدنيين ومنع تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

كما أن المقاومة الفلسطينية أبدت إرتياحها للدور المصري حيث تم الإتفاق على عدد من الضمانات التي قدمتها مصر لضمان تنفيذ بنود وقف إطلاق النار وعدم خرقه من قبل إسرائيل

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شدد في كلماته على أن أمن الفلسطينيين جزء من الأمن القومي المصري وأن مصر ستواصل جهودها لضمان عدم تكرار جولات العنف مشيراً إلى أن الحل النهائي يجب أن يكون سياسياً عبر تحقيق حل الدولتين الذي تسانده مصر منذ عقود.


رغم النجاحات التي تحققها مصر في كل مرة تتدخل فيها لوقف إطلاق النار إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجه دورها ومنها عدم التزام إسرائيل بالإتفاقات حيث تقوم في كثير من الأحيان بخرق إتفاقات التهدئة عبر إستمرارها في تنفيذ عمليات عسكرية وفرض إجراءات تضييقية على الفلسطينيين

كما تواجه مصر ضغوطاً داخلية حيث توجد أصوات تدعوها للحد من تدخلها في الصراع خاصة في ظل التعقيدات الإقتصادية التي تمر بها البلاد

الإنقسام بين الفصائل الفلسطينية يعقد من جهود مصر في تحقيق تهدئة طويلة الأمد، حيث يجب التفاوض مع أطراف متعددة لها مواقف مختلفة.


لا يقتصر دور مصر على مجرد تحقيق وقف إطلاق النار بل تعمل على توفير حلول طويلة الأمد تهدف إلى ضمان إستقرار المنطقة وقد دعت مصر إلى مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة مؤكدة أن الحل الجذري للصراع يجب أن يكون عبر المفاوضات السياسية كما تحاول مصر إعادة إحياء مبادرة السلام العربية والتي تنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وهو الطرح الذي تدعمه مصر بقوة كحل نهائي للأزمة إلى جانب ذلك تواصل مصر العمل على تقوية التنسيق مع المجتمع الدولي لضمان عدم تكرار جولات العنف ودعت إلى محاسبة من يعرقل مساعي السلام.


حيث أن دور مصر في وقف إطلاق النار ليس مجرد تدخل دبلوماسي عابر بل هو جزء من سياستها الثابتة التي تهدف إلى تحقيق الإستقرار الإقليمي وحماية الشعب الفلسطيني من ويلات الحروب المتكررة ومن خلال علاقتها مع جميع الأطراف تمكنت مصر من لعب دور الوسيط النزيه الذي يسعى دائماً لتحقيق التوازن ومنع تفاقم الصراعات وفي ظل التحديات المستمرة يبقى الدور المصري محورياً في أي تحركات سياسية مستقبلية تهدف إلى تحقيق سلام دائم في المنطقة وهو ما يجعلها أحد أبرز الفاعلين في ملف القضية الفلسطينية سواء على المستوى السياسي أو الإنساني.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة